أول ظهور للقهوة !
بدأت قصة هذه الحبوب الصغيرة في بلاد إثيوبيا , حين لاحظ مزارع إثيوبي اسمه ( كالدي ) النشاط الغريب في الماعز على غير العادة , وكان ذلك عقب تناولهم لحباتٍ أشبه ما تكون بنبات التوت , كما أنها خلّفت ورائها آثاراً بدت واضحةً عند حلول الليل , إذ أن الماعز لم يتمكّن من النوم حينها .
تواصل كالدي مع رئيس القرية وأبلغه بأمر هذه الحبوب المثيرة للقلق , فقرّر أنّ يجرّب الأمر ليتأكد بنفسه , فأتوا بهذه الحبوب له ليتناولها, فإذا به يلقى حيويّةً قد عمّت على جسده طيلة المساء , فقام بمشاركة المشروب مع البقية وعُرفت هذه الحبوب في القرية باسم (التوت المنشّط ) .
سافرت هذه الحبوب شرقاً إلى شبه الجزيرة العربية حاملةً اسمها المعتاد ( التوت المنشّط ) , ولكنّها حصلت على اسمٍ آخر هناك ( القهوة ) ,ويقول البعض أنها اكتسبت هذا الاسم من الكلمة العربية ( قواه ) .
خيبة أمل وفشل !
أخذت القهوةُ حيّزاً كبيراً من الظهور في شبه الجزيرة العربية , و سرعان ما انتشرت خلال حكم الأتراك و سيطرتهم على معظم العالم العربي , فورثوا فكرة القهوة وثقافاتها , وأصبح الأتراك هم أول من صنع من القهوة مشروباً سائغاً , و أول من افتتح مقهى في العالم , ومع ازدياد شعبية القهوة وطعمها الجذّاب بين الناس ؛ أصبح الأتراك أكثر يقظةً بشأن حماية حبوبهم الثمينة , حتى أنهم لم يقوموا بتصديرها خارج شبه الجزيرة العربية , وكان هدفهم الأوحد هو إبقائها داخل الوطن العربي وداخل شبه الجزيرة العربية فقط ,ولكنْ للأسف لم تعمل خطتهم بالشكل المطلوب , فعندما تمنع الناس من الوصول إلى شيء , فحتماً سيجدون حلّاً لإرضاء رغباتهم بأيّ شكلٍ من الأشكال , حيث قام رجلٌ يسمى ( بابا بودان ) بتهريب الحبوب الثمينة إلى الهند في منطقة تسمى (ميسور ) , و بهذه الخطة المحكمة , انتهت قضية استحواذ الأتراك على القهوة .
القهوة تسافر إلى أوروبا
عند مشاهدة العلاقة الوثيقة بين الأوروبيين ومشروبهم المفضّل ( القهوة ) اليوم , فقد تظنّ أنّ هذه العلاقة كانت علاقة حب من النظرة الأولى, ولكن في الواقع أنّ الأمور قد سارت في بادئ الأمر باتّجاهٍ معاكسٍ تماماً !!
وصلت إشاعات للبابا فينسينت الثالث حول كون القهوة مشروباً شيطانيّاً , فقرّر البابا أن يمنحها مذاقاً سيئاً حتى تقلّ شعبيّتها بين الناس , ولكن سرعان ما وضع قراراً رسميّا بحظر المشروب المفضّل لدى الجميع .
وعلى الرُغم من هذا الجدل الواسع حول قرار الحظر , إلّا أن المقاهي سرعان ما انتشرت وأصبح مراكز للنشاط الاجتماعيّ في بعض البلاد أمثال :( إنجلترا , النمسا , ألمانيا , فرنسا , هولندا ) , واستبدل سكان هذه الدول المشروبات الشائعة على الإفطار حينها ( البيرة ) بمشروب القهوة اللذيذ .
العودة للهيمنة
سرعان ما اختفت الأفكار السلبية حول القهوة في أوروبّا ,وكان ذلك عند ملاحظتهم لحالة التأهّب والنشاط التي استمتع بها شاربو القهوة في الدول المذكورة أعلاه .
وعاودت القهوة بالانتشار مرةً أخرى بمحاولاتٍ من الهولنديين لتهريبها من شبه الجزيرة العربية إلى مناطق مثل ( باتافيا , وجزيرة جاوة ) .
القهوة في عصرنا الحالي
ودعنا ننتقل مائة وعشرين عاماً إلى الأمام , فنجد أنّ المقاهي ومحلّات تحميص القهوة قد انتشرت على نطاقٍ واسع , إلى أن دخلت القهوة في طور التعبئة وأخفت تجارة تحميص القهوة .
إذا كنت تعتقد أنّ القهوة قد انتشرت على مدى واسع حينها, فتخيّل فقط ما حدث عندما قامت الحكومة الأمريكية بحظر الكحول في عام 1920 ,,فحينها ارتفعت مبيعات القهوة بشكل أكبر بمراحل من قبل , وحتى مع مرور السنوات ومع ظهور قرار السماح باستخدام الكحول قانونيّاً مرّةً أخرى , إلّا أن مبيعات القهوة ما زالت أعلى من أيّ وقتٍ مضى , حتى أصبحت ثاني أكبر سلعة متداولة في العالم .